محمد الأمين النونُ عَلمُ التربية والتدريس / محمد الأمين النن

في ذكرى رحيل المرحوم بإذن الله تعالى محمد الأمين ابن النونُّ :

كم نُحسّ من خلال ذكرى رحيل هذا الرجل أسًى وتبريحا، فالرجل كان الطودَ الشامخ لليعقوبيين كل اليعقوبيين مِنعةً ودفاعا.

كان الرجلَ الشهمَ المحوريَ الذي تشرئبّ إليه الأعناق قادما، وتشخص إليه الأبصار جالسا خلال كافة لقاءاتنا واجتماعاتنا، إذا حدّث حزّ في المفصل بحكمة وأنات، وإذا اقترح تجاوب الجميع بكل إيجابية مع ما يشير به، لما يلمسون فيه من صواب وبعد نظر ونَفاذ بصيرة وسداد رأي، راضين برأيه متشبّثين بمراميه الرائدة.

كان على المسافة نفسها من كل الفرقاء والأطراف اليعقوبية كلهم جامعا قريبا منهم كافة، حاضرا في كل مواسمهم حضورَ إفادة شاملة ومنفعة عامة.

كان متواضعا في ثقة وعنفوان، زاهدا في غير تبذّل، كريما في غير رياء.

كان على درجة عالية من الحصافة والاستيعاب لكل أحوال ومعارف وتراث الأقدمين، ومستجدات الحضارة المعاصرة ثقافة وسياسة ولياقات كاشفة لكل نافع كاسفة لكل ضار.

کان رجلَ دين، ورجل مروءة، ورجل تربية يُعوِّل فيها على الأفعال قبل الأقوال.

کان موضوعيا يناقش محاوريه بكل مرونة وبكل أريحية، لا يتعصّب إلا للحق متى ظهر، لا تنبو منه جفوة مهما جدّ النقاش أو كثر اللغط، فله من مكارم الأخلاق وحسن الخطاب المبين ما يمتلك به القلوب ويجتذب به النفوس، إذا اشتد الموقف أو عزّ حَسمُه.

کان عَلَما بارزا من أعلام التربية والتدريس داعيا إلى الأخذ بمختلف أسباب التطور والنهضة التربوية، على أسس قويمة من المحافظة على التمسك بأرقى معطيات الأصالة التي تراعي الاحتياط في تحصين ثوابت الأمة ضد الاستلاب والتغريب.

لقد تعرّفتُ عليه لسنين طويلة في المجالس اليعقوبية التي هو صدرها دائما، وعرفته كذلك لسنوات عديدة زميلا أكبر وأكبر في ساحة العمل التعليمي، مديرا فمستشارا تربويا ثم رئيسا لسكرتارية المدير الجهوي للتعلیم بنواكشوط حيث خلفته في هذه الوظيفة الخطيرة، التي ما كان لي أن أنجح فيها لولا إرشاده الدائم وتبصيره المستمر لي في مختلف جوانبها المتشعبة.

وهذا يعني أنني عرفت المرحوم لمدة طويلة عن كثب “أُ تَمْ الدهر ألّا يتمَتلَ أتم ابراهيم ألا معلوم”

والآن أأكّد لكم أننا لو وجدنا من اليعقوبيين اليوم خمسة رجال فقط من أمثال “ألمین ول النون” لكان لنا شأن عظيم.

تغمّده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وعلى كل حال، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

بقلم زميله : محمد الأمين / النن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى