رئيس الجمهورية يشيد في افتتاح قمة سيول بالعلاقات الكورية الإفريقية
أكد رئيس الجمهورية، الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، محمد ولد الشيخ الغزواني، في خطابه اليوم، خلال افتتاح القمة الكورية الإفريقية على أن بلدان القارة الإفريقية تتقاسم مع كوريا التطلع إلى بناء وتعميق شراكة مثمرة في كلا الاتجاهين، لخلق تنمية مستدامة، في إطار من الاحترام المتبادل.
القمة انطلقت بالعاصمة الكورية سيول، بمشاركة وفود من 48 دولة أفريقية، سيناقشون تحت شعار “المستقبل الذي نصنعه معا: النمو المشترك والاستدامة والتضامن”، تعزيز التعاون والتكامل بين كوريا والدول الإفريقية.
وإليكم نص خطاب رئيس الجمهورية:
“صاحب الفخامة السيد يون سوك يول رئيس جمهورية كوريا،
– أصحاب الفخامة رؤساء الدول الإفريقية،
– صاحب المعالي موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،
– أصحاب المعالي،
– أيها السادة والسيدات،
يطيب لي، ابتداء، أن أتوجه بالتهنئة إلى صاحب الفخامة السيد يون سوك يول رئيس جمهورية كوريا على ما اتسم به تنظيم هذه القمة الكورية الإفريقية من جودة وإحكام، شاكرا لفخامته وللحكومة والشعب الكوريين ما لقيناه، وسائر الوفود الإفريقية، من حسن استقبال وكرم ضيافة كورية أصيلة.
– أصحاب الفخامة والمعالي؛
– أيها السادة والسيدات؛
إن شعار قمتنا هذه، «المستقبل الذي نبنيه معا، النمو المشترك المستدام والتكافل” ليس تعبيرا عن مجرد أمل، بل هو في الحقيقة يحيل إلى ضرورة فرضتها جسامة التحديات التي تواجه عالمنا اليوم والتي لرفعها، وضعت أهداف التنمية المستديمة، وعلى أساسها اعتمد الاتحاد الإفريقي، أجندة 2063.
إن هذه التحديات، بحكم خطورتها وأبعادها المتنوعة، البيئية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، لتكشف، يوما بعد آخر، ترابط مصائرنا جميعا، دولا وشعوبا، واستحالة أن يكون لنا من مستقبل غير الذي نبنيه معا، في إطار من التكافل والنمو المشترك، المستدام.
وإن في زخم حضورنا اليوم ما يعبر – في الآن ذاته – عن ما تحظى به جمهورية كوريا من تقدير لدى الدول الإفريقية وعن صدق إرادة الطرفين في العمل على تجسيد مدلول هذا الشعار ببناء وتطوير شراكة مثمرة، تؤسس لمستقبل نبنيه معا، ويكون قوامه المنفعة المشتركة والنمو المستدام في إطار من الاحترام المتبادل.
إن علاقات الدول الافريقية بجمهورية كوريا، علاقات صداقة وتعاون قديمة، شهدت في الفترات الأخيرة تطورا ملحوظا، خاصة مع القمة الكورية الإفريقية الاقتصادية الأخيرة، التي وسعت أفق التعاون الاقتصادي بين الطرفين والذي يشمل اليوم العديد من المجالات البالغة الأهمية كالطاقة، والبيئة، والبنى التحتية، والتكوين، وتبادل الخبرات الفنية، وهي مجالات تدخل في صميم تنفيذ برامج أجندة 2063 الإفريقية وتنسجم تماما مع أجندة 2030 الأممية.
صحيح أن هذا التعاون لا يزال دون المستوى المأمول، فالتبادلات التجارية بين منطقتينا لا تتجاوز 2% من تبادلاتنا الخارجية، لكننا نعول كثيرا على قمتنا هذه في أن تحقق نقلة حاسمة في اتجاه الارتقاء بشراكتنا إلى أبعد المستويات.
فهي ستتيح لنا فرصة تقييم مدى تنفيذ مخرجات تعاوننا المشترك في العديد من المجالات كالتحول الطاقوي والاكتفاء الغذائي والتوطين الصناعي. كما ستكون مناسبة لوضع الآليات الكفيلة بتعزيز تعاوننا ليكون تعاونا مستداما ذي مردودية مشتركة نتقاسم بفضله النماء والتعاضد ضمانا لمستقبل واعد نبنيه معا.
وإننا لنملك معا كل المؤهلات الضرورية لذلك بفضل ما تنعم به قارتنا من موارد طبيعية هائلة، ومن حيوية ديمغرافية، وما لديها من برامج ومشاريع عملاقة تنفذ في إطار أجندة 2063 ومنظومة حكامة آخذة في التحسن بنحو ملحوظ، وكذلك بفضل ما تتميز به جمهورية كوريا من تقدم تكنلوجي متسارع ومستديم.
– أصحاب الفخامة والمعالي
– أيها السادة والسيدات،
لقد بذلت، وتبذل، دولنا الإفريقية جهودا كبيرة في سبيل إرساء حكامة رشيدة وتطوير منظومات قانونية محفزة للاستثمار.
وإنني لأنتهز هذه الفرصة لأدعو المستثمرين الحكوميين والخصوصيين الكوريين إلى استكشاف أكثر لمقدرات قارتنا الغنية ومواكبة محاولاتنا الجادة إلى توطين الصناعة والتكنلوجيا بمختلف شُعبها.
وإن ما تم التعهد به من استثمارات كورية خلال القمة الاقتصادية الماضية، والبالغ 6 مليارات دولار أمريكي، وكذلك ما هو مبوب عليه من استثمارات في قمتنا هذه، ينبغي أن يوجه في الأساس إلى تطوير القطاعات ذات الأولوية الاستراتيجية كالبنى التحتية المستديمة والتكنولوجيا والزراعة والصحة والتبادل الجمركي الرقمي.
كما يتعين أن يحظى الشباب بقسط وافر منها عبر دعم برامج التعليم والتكوين المهني لصالح شبابنا الذي يمثل حوالي 60% من سكان القارة.
إن ما تحتاجه إفريقيا اليوم هو شراكات فعالة تواكبها في تحقق التحولات الكبرى المرصودة في أجندة 2063.
وبما أن استدامة النمو المشترك المتوخى من تعاوننا رهينة بنجاحنا في الحد من الآثار السلبية للتحول المناخي الذي تتعرض قارتنا لأعتى مفاعيله السلبية مع كونها الأقل إسهاما فيه، فلا بد لنا من تعزيز تعاوننا في المجال البيئي.
كما يجب علينا كذلك التركيز على الأمن الغذائي باستغلال ما تتيحه مبادرة حزام الأرز الكورية من فرص واعدة، هذا علاوة على العمل على إحداث نهضة صناعية افريقية شاملة.
– أصحاب الفخامة والمعالي،
– أيها السادة والسيدات،
إن تنفيذ خططنا التنموية البينية والقارية يصطدم بمعوقات كثيرة تزداد قوة وعمقا مع تأزم المناخ الدولي اقتصاديا وأمنيا وسياسيا بفعل تعدد الأزمات والحروب.
وإن ما نشهده اليوم في غزة وفي فلسطين عموما من إبادة جماعية ممنهجة، ليقوض السلم العالمي، ويبطئ تنفيذ الخطط التنموية الدولية بحده من إمكانية تعبئة الموارد المالية الضرورية لذلك، لا سيما إذا انضاف إليه ما انجر عن الحرب الروسية – الاوكرانية من مضاعفات اقتصادية وأمنية جسيمة.
إن النظام العالمي اليوم يحتاج إلى إصلاحات جذرية توجب منا تنسيق مواقفنا المشتركة في سبيل إصلاح مجلس الأمن ومراجعة المنظومة الاقتصادية العالمية وإعادة النظر في ملف المديونية الذي يثقل كاهل بلداننا الإفريقية، ويحد من قدرتها على الاضطلاع بالخدمات الأساسية لمواطنيها، وهو ما له تبعات مباشرة على أمنها واستقرارها.
وإننا لنتطلع كثيرا إلى تعزيز تنسيقنا في المحافل الدولية حول هذه القضايا معولين على دعم جمهورية كوريا لمواقفنا العادلة.
وإنني لعلى يقين من أن قمتنا هذه، التي أرجو لأعمالها التوفيق والنجاح، ستمكننا معا من إقامة شراكة ناجعة نبني من خلالها، سويا، مستقبلا قوامه التكافل والنمو المشترك المستدام.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”