إصلاح التعليم.. من الجوهريّ إلى الشكليّ / إخليهن بوبكر
مجددا تزداد صعوبة فك أحجية التعليم، فالتساقطات التربوية المعلن عن انهمارها منذ سنتين لم تصل أرض المعلمين.. إما أنها تبخرت من شدة حرّ الوعود أو أنها مجرد غيمات عابرة لا علاقة لها بقانوني الجدب والإمراع.
اسبشرتِ الأسرة التربوية خيرا بالمصادقة على مشروع القانون التوجيهي للتعليم منذ ثلاثة أشهر، الذي من شأنه تعزيز الوحدة الوطنية من خلال مأسسة لهجاتنا الوطنية وتدريس المواد العلمية باللغة العربية، إضافة إلى إعادة النظر في الشراكة مع القطاع الخاص في أداء العملية التربوية، ولا شك أن الورشات الجهوية للتعليم التي أقيمت بالتوازي مع هذا الإصلاح كانت فعّالة وتم الخروج منها بتوصيات مهمة كُللت بقرار “المدرسة الجمهورية” السيادي.
– جُلُّنا نتفق على عدم تماشي “الدراعة” مع عملية التدريس التي تتطلب منك أحيانا أن تكون مسرحيا في درس الأناشيد و قاضيا إذا اشتكى لك أحد الصغار من زميله و رياضيا أثناء تأدية تمارين حصة الرياضة البدنية..لكن هل استوفينا جميع المشاكل الجوهرية حتى نتطرق إلى المعضلات الشكلية؟!، لا أعتقد.
– سيادة الوزير لا نعلم من أين تشترون بذلاتكم وبأي ثمن، لكن بذلة عادية تصون للمعلم حسن مظهره، وقلة راتبه لن توجد في السوق بأقل من أربعين ألف أوقية وهي تقريبا نصف راتب المعلم الشهري، هذا إذا افترضنا أن يداوم المعلم ببذلة واحدة طيلة السنة.. فأنتم تعرفون أن تيشرتات آفركو الرديئة وسراويل “لبلاك” الضيقة لا تليق بالمعلمين أمام تلامذة يتصفحون “اسناب” و “التيكتوك” يوميا، فعلى الأقل كان أجدادنا حكماء لما استخدموا الدراعة كدواء لوباء “الندرة”.
– وأود هنا أن أشير إلى نقطة مهمة وهي أن الزي المدرسي الذي جاء ليقضي على “الفروق” بين التلاميذ، كانت نتائجه سلبية إذ أنه عزز هذه الفروق، ذلك أنه لم يشمل جميع التلاميذ حتى داخل القسم الواحد فتجد في قسم عدد تلاميذه 100، عشرة أو خمسة عشر تلميذا فقط يرتدي هذا الزي وهو ما من شأنه أن يذكي الصراعات النفسية بين الصغار، أما بقية التلاميذ فقد أخبروا ذويهم بأن يشتروا ملابس مماثلة، برأيكم من لم يستطع أن يحمم ابنه ويرسله نظيفا إلى المدرسة، هل سيشتري له زيا وفق معايير محدد للمساهمة في المظهر اللائق بالمدرسة الجمهورية ؟ “نحن متعارفين”.
– المسيرة التي أقامتها رابطة آباء التلاميذ أمس بالتزامن في جميع الولايات، ألها مردود تربوي سوى أنها مجرد تسجيل حضور مرئي ومسموع قبيل الشتاء..؟.
– منذ بداية السنة الدراسية وتحويلات المدرسين تراوح مكانها، إضافة إلى تأخر التبادلات بين المعلمين، هذا من دون ذكر الكم الهائل من الموظفين المفرغين الذين كان يجب إعادة النظر في وضعياتهم تزامنا مع اعتراف رئيس الجمهورية نفسه بوجود اختلالات هيكلية في القطاع إبان اليوم التربوي.. ناهيك عن التسيب والفوضى التي تطبع إدارات التعليم.
– و لا أريد أن أنسى أن الكتب المدرسية يجب أن تراجع فالمحتويات التي تتضمنها الكتب هي نفس المحتويات منذ عشرين سنة، وهذا ما لا ينبغي في ظل كون رقمي تطبعه السرعة والحيوية، دون أن ننسى أنه في الوقت الذي أتكلم فيه لم يجد المدرسون من الكتب سوى تلك التي ظهرت في نشرة الأخبار تغطيةً للمجهودات المزعومة.. طبعا يستطيع المعلم أن يشتري الكتب، لكن عدم توفرها للتلاميذ يخلّ بدرس القراءة.
لقد كانت النافذة المخصصة للتعليم من برنامج “تعهداتي” مقنعةً على الأقل نظريا، ولكن الواقع أصبح يكذب إيماننا بنصف الكأس الممتلئة.
– لا أرى في هذا القرار سوى إشعار تربوي بأن وزارة التعليم لازالت على قيد الحياة، كما أنه لا ضير في “ترند تربوي” بعد “ترند ثقافي” ساخن.