العمل الخيري في موريتانيا .. تدخلات إنسانية في كوفيد 19 / أموه أحمدناه
بحي العافية الواقع في العاصمة نواكشوط تقطن فاطمة التي تمثل حلقة وصل بين المحتاجين في الحي وبعض الجمعيات الخيرية في موريتانيا،وتتحدث عن الأمر قائلة:
“الحق أن هذه الجمعيات مثلت أكبر سند للمحتاجين قبل وبعد الوباء العالمي،سواء كان ذلك على مستوى تقديم المساعدات الغذائية أو النقدية،أو بتوفير أدوية الأمراض المزمنة التي فقد أصحابها الأمل في المساعدة”.
خدي انديشون رئيسة جمعية خيرية تستحضر اليوم مسيرة جمعيتها التي رأت النور قبل مدة،وقد استطاعت حسب تعبيرها أن تقدم المساعدة للمحتاجين،مضيفة عن العمل أثناء كوفيد 19:
“العمل الخيري أثناء كورونا تميز بكثير من التحديات والصعوبات التي تستعصي على الحصر،ورغم ذلك فنشاطات الجمعية ظلت كما في السابق مع القيام بالإجراءات التي فرضتها الظروف الصحية،والتحدي الحقيقي تمثل في القيام بأنشطة الجمعية التي تتطلب اتصالا مباشرا،كالمداومة وتوزيع العشاء على المرضى وحظر التجول،مع الإشارة لبعض الأعمال التي لم تكن تستدعي الاتصال المباشر،من قبيل الكفالة والسقايات،ورغم محدودية الوسائل فإن هذه التدخلات تركت بصمتها الجلية أثناء كوفيد،وأسهمت في التخفيف من وطأته”.
إن التدخلات الإنسانية للجمعيات الخيرية يؤكد اجتماعيون أنها توثق العلاقة بين أفراد المجتمع،من خلال إشاعة ثقافة المساعدة،ويزيد الباحث الاجتماعي محمد المختار أحمد مولود قائلا:
“قامت هيئات المجتمع المدني العاملة في مجال العمل الإنساني والخيري بدور رائد ومميز لأجل تدارك فداحة الأزمة الإنسانية التي خلفتها جائحة كورونا،وذلك من خلال مجموعة من التدابير تتمثل في مد يد العون والمساعدة للمجموعات الأكثر تأثرا بالجائحة،حيث نظمت مجموعة من التدخلات الميدانية كان لها الأثر البالغ على الحد من الآثار السلبية للجائحة،ولولا تلك الجهود المبذولة من طرف المنظمات والجمعيات التي تنشط في المجال الإنساني لما استطاعت الكثير من المجتمعات الخروج من النتائج العكسية للجائحة،وهو ما أشادت به العديد من الدول والهيئات الدولية”.
بين الفينة والأخرى تتعالى الأصوات الداعية لتنظيم العمل الخيري في موريتانيا،في ظل غياب الإحصائيات الرسمية بعدد الجمعيات الخيرية،التي يغيب عن مجملها التخصص،حيث لا تركز الجهود على مجال معين بذاته،غير أن فترة الوباء كان لها طبعها الخاص،يؤكد الناشط في مجال العمل الخيري محمد لحباب حيث يقول:
“كوفيد 19 وثّق العلاقات بين مختلف الجمعيات الخيرية التي اتحدت ومدت بين أطرافها حبال الوصل بغية مساعدة المرضى والمحتاجين،ولذلك كان الدور تكامليا وظهرت جدوائيته جلية بتوفير الأدوية والمساعدات المالية والسلال الغذائية”.
خلال جائحة كورونا تسارعت وتيرة العمل الخيري في موريتانيا،إذ ظهر مئات المتطوعين والجمعيات الخيرية بغية مساعدة الفئات الأكثر تأثرا،وقد وجد هؤلاء أنفسهم أمام تحديات جمة بحسب الناشطين في المجال،فالوباء العالمي حمل معه جملة من الإجراءات الوقائية تشير لها خدي قائلة:
“من أوجه التحديات الاتصال المباشر مع المريض،حيث يتوجس خيفة من أن تكون مصدر إصابته بالفيروس،والشعور متبادل من الطرفين،هذا بالإضافة لخوف الأسر والمحيط بصفة عامة،خاصة أن الجميع كان يخشى الإصابة بالفيروس ويحرص على التقيد بكافة الإجراءات الوقائية”
رغم ما رافق الفيروس من تحديات وأزمات ربما حدّت من التبرعات التي كانت تصل الجمعيات الخيرية،فإن التدخلات ظلت قائمة بحسب محمد الذي يؤكد قائلا:
“المرضى الذين كانوا تحت وصاية الجمعية كانوا يحصلون على الأدوية باستمرار،بفضل الله والمتبرعين الذين لم يقطعوا تبرعاتهم طوال الجائحة،ولم يحدث أن اتصل علينا مريض في حاجة إلا ولبينا النداء وكنا عند حسن الظن،وأيضا كذلك كفالة الأطفال الأيتام ظلت متواصلة،مع الإشارة إلى أن الجمعية كانت توفر دروسا تعليمية للأطفال في مقرها،وبعد توقف جميع الأنشطة تقريبا بدواعي الاحتراز ظلت الدروس متواصلة على تطبيق الواتساب”.
لقد أصبح العمل الخيري وجهة الكثير من الشباب الموريتاني،ورغم النظرة لهذا العمل التي قد لا تكون إيجابية في بعض الأحيان،فإنه كان وراء رسم البسمة على وجوه كثيرة،ربما فقد أصحابها الأمل في المساعدة،وإن كان حقل العمل الخيري يحتاج تنظيما يؤكد مراقبون.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.